فى رحلة الحياة نقابل من يغيب رغم الحضور ومن يحضر رغم الغياب، الغائبون الحاضرون فى حياتى كثر أذكر منهم اخى الحبيب وتوأم روحى اللواء عبدالسلام عجاج وكيل شرطة السياحة والآثار الأسبق ، والسفير امين غنيم سفير مصر الأسبق فى الجزائر واول من أخذ بيدي وادخلنى بكل أريحية وصبر إلى عالم الدبلوماسية ودنيا الاتيكيت، وأنور زاهر رفيق رحلتى فى ماسبيرو وصحيفة الجزيرة السعودية بالرياض رحمة الله عليهم جميعا واسكنهم فسيح جناته ...
وأنور زاهر سيداتى انساتى ساداتى حدوتة مصرية نبتت فى أخصب أراضى مصر الزراعية وارتوت بمياه النيل...وهو كتلة من خفة الدم المصرية التى قل أن يوجد مثلها.. . وهو آلة منتجة للإفيهات الساخرة ... وهو أحد أساتذة كوميديا الموقف إذ يمتلك قدرة عجيبة على تفجير الضحك فى اى موقف مهما كان....
وأنور زاهر تخرج من كلية الآداب جامعة القاهرة وهو يمتلك مقاليد وزمام اللغتين الانجليزية والفرنسية، أما اللغة العربية فكان من فرسانها وكيف لا وهو حفظ القرآن الكريم وهو طفل ابن القرية، وكثيرا ما كان يحكى لنا عن شيخه فى الكتاب والذى كان يشتاط غضبا عندما يلحن اى طفل ويصرخ قائلا: هل هذا قرآن يا ابن كذا
التحق أنور زاهر بالإذاعة المصرية كمذيع وقارئ لنشرات الاخبار ثم توجه لإذاعة القرآن الكريم مستندا إلى ثقافته الدينية الرفيعة ثم استقر به المقام فى الشئون السياسية بالإذاعة كمحرر مترجم وككاتب لتحليلات وتعليقات الإذاعة على الأنباء... شرفت برئاسته لى فى وردية الفجر التى كانت مكلفة بإعداد نشرة السابعة صباحا وما يليها من مواجيز..
كان وجوده فى وردية أو شفت الفجر يحوله إلى متعة ويجعل الضحكات تتعالى وتكسر ما يلف المبنى من صمت فى ساعات الصباح الأولى.
سبقته إلى صحيفة الجزيرة السعودية بالرياض وكم كانت سعادتى أنا وزميلى محمد ابراهيم حبشى رفيقنا فى ماسبيرو عندما نجحنا فى إقناع مسئولى الصحيفة بالتعاقد معه هو والاستاذ محمد لبيب النجار والاثنان من أساتذتنا ومن أعمدة اخبار الإذاعة
رفقته لى فى أيام وليالي الرياض ساعدتنى على التغلب على مشاعر الغربة؛ حيث كنت اعد الايام وأسابق الزمن للعودة إلى معشوقتى مصر أم الدنيا، وسعدت بضمه لى لمعاونته فى إدارة وتحرير مجلة الاقتصاد والنفط التى انتقل إليها...
فى القاهرة كنا نحرص على اللقاء والتزاور من وقت لآخر كما اعتدنا أن نصلى الجمعة معا فى مسجد عمرو بن العاص وقت أن كان الدكتور عبدالصبور شاهين هو من يخطب الجمعة
عندما حدث الغزو العراقي للكويت كان أنور زاهر من الاذاعيين الذين أداروا إذاعة الكويت من القاهرة... ومع تحرير الكويت طلبته إذاعة الكويت بالاسم ليعمل بها وليترك كعادته بصمة ويخرج من الكويت بعشرات الأصدقاء الذين شغفهم حبا
باعدت بيننا مشاغل الحياة ومسئولياتها إلى أن علمت من ابنته الأديبة الإعلامية خفيفة الظل جميلة الروح سلمى انور بانتقاله إلى الرفيق الأعلى.... أتابع بكل اهتمام وتقدير ما تبثه زوجته الإذاعية القديرة سهام كمال تحت عنوان (كلمات لامست قلبى) ومعظمها كلمات تعبر عن حب وعشق للزوج والأب انور زاهر الغائب الحاضر ...
كلنا سنرحل وتبقى السيرة شاهدة لنا أو علينا... اللهم ارحم من ذكرتهم بقلبي وروحي وارزقنا بمن يتذكرنا ويدعو لنا عندما تحين ساعتنا وننتقل إلى رحاب الرحمن الرحيم الحى القيوم.
---------------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج